الجوهري: المفرد لفظان أحدهما: جراحة بكسر الجيم والهاء في آخره وجمعه جراحات وجراح بوزن كتاب، وثانيهما جرح بضم فسكون وجمعه جروح قال تعالى: {والجروح قصاص} (المائدة: 45) والمراد به في الترجمة ما يشمل القطع والكسر والفقء وإتلاف المعاني من السمع ونحوه، وإن خالفته اللغة والاصطلاح. ابن عرفة متعلق الجناية غير النفس إن أبانت بعض الجسم فقطع، وإلاَّ فإن أزالت اتصال عظم لم يبن فكسر وإلاَّ فإن أثرت في الجسم فجرح، وإلاَّ فإتلاف منفعة والقصاص فيها كالنفس إلا في جناية أدنى على أعلى. اهـ. (خ): والجرح كالنفس في الفعل والفاعل والمفعول، فقوله في الفعل يعني أنه يشترط في القصاص في الجرح ما اشترط في القتل من كونه عمداً عدواناً وهو قصد الضارب إلى المضروب كما مر أول الباب، وقوله: والفاعل يعني أنه يشترط في الجارح ما اشترط في القاتل من كونه مكلفاً مكافئاً للمجروح غير زائد عليه بحرية أو إسلام وغير حربي أسلم كما مر في قول الناظم: والقود الشرط به المثلية إلخ. فكما تعتبر تلك القيود في القصاص من القاتل كذلك تعتبر في القصاص من الجارح، وقوله: والمفعول يعني أنه يشترط في المجروح ما اشترط في المقتول من كونه معصوم العضو والدم إلى حين الإصابة كما مر في قوله: والشرط في المقتول عصمة الدم إلخ. فينتج من هذا أن كل شخصين يقتص من أحدهما للآخر في القتل يقتص من أحدهما للآخر في الجرح إلا في مسألة واحدة وهي أن الأدنى إذا جرح من هو أعلى منه كما لو قطع عبد يدحر مسلم أو جرحه أو قطع كافر يد مسلم أو جرحه، فإنه لا يقتص للأعلى منهما على المشهور، وإن كان يقتص له منهما في النفس كما مر في قوله: وقتل منحط مضى بالعالي إلخ. وإنما لم يقتص له منهما هنا لأن ذلك كجناية اليد الشلاء على الصحيحة وهي لا قصاص فيها، وإذا لم يقتص من الأدنى للأعلى فدية الجرح في رقبة العبد وفي ذمة الكافر إن كان فيه شيء مقدر من الشارع كموضحة برئت على شين أم لا. وإن لم يكن فيه شيء مقدر ككسر الفخذ مثلاً فحكومة إن برئ على شين وإلا فليس على العبد والكافر إلا الأدب.
جُلُّ الجَرَاحِ عَمْدَها فيه القَوَدْ ** وديةُ معْ خَطَرٍ فيها فَقَدْ
(جل الجراح عمدها) الثابت ولو بشاهد واحد أو قرينة تقوم مقامه كما مر عند قوله: وليس في عبد ولا جنين قسامة إلخ. (فيه القود) بعد البرء إذ لا قصاص في جرح إلا بعد برئه أو مع التكافؤ، إذ لا قصاص في جرح من غير مكافئ كما مر قريباً. وهذا إذا لم يكن في القود خطر ككسر الفخذ وعظم الصدر والعنق والصلب ورض الأنثيين، فإنه لا قود في مثل ذلك وإن ثبت عمده لئلا يؤدي إلى أخذ النفس فيما دونها، (و) عليه فالواجب في ذلك (دية) مغلظة بالتثليث في الأب وفي التربيع في غيره، وهذا فيما فيه شيء مقدر من الشارع كرض الأنثيين إذ فيهما دية كاملة وكدامغة فيها ثلث الدية أو حكومة فيما ليس فيه شيء مقدر ككسر الفخذ وعظم الصدر إن برئ على شين وإلاَّ فلا شيء فيه إلا الأدب، وهذه الدية أو الحكومة إنما هما (مع) وجود (خطر فيها) أي في القصاص من تلك الجراحات المذكورة (فقد) أي فحسب والخطر الإشراف على الهلاك ويرجع في كونه خطراً أو عدمه لأهل المعرفة، ومثل الخطر في وجوب الدية ما إذا تعذر القصاص لعدم وجود المماثل من الجارح. وقولي. أو قرينة إلخ. ليدخل ما إذا لم يثبت الجرح بشاهد، وإنما ادعى المجروح أن فلاناً جرحه وأثبت أنه كانت بينهما ثائرة وعداوة، فإنه يحلف المجروح ويقتص منه كما أفتى به القوري وابن عرضون والتالي وغيرهم حسبما في نوازل العلمي خلافاً لفتوى أبي القاسم العبدوسي من أن اليمين على الجارح. وقوله: جل الجراح هو ما أشار له (خ) بقوله: واقتص من موضحة أوضحت عظم الرأس والجبهة والخدين وإن كابرة واقتص أيضاً من سابقها وهي ستة. دامية: ويقال لها أيضاً دامعة بالعين المهملة وهي التي تضعف الجلد فيسيل منه دم كالدمع. وحارصة: بالصاد المهملة وهي التي شقت الجلد كله وأفضت للحم وسمحاق: وهي التي كشطت الجلد أي أزالته عن محله فيقال لذلك الجلد سمحاق. وباضعة: وهي التي شقت اللحم. ومتلاحمة: وهي التي غاصت فيه أي في اللحم فأخذت يميناً وشمالاً ولم تقرب من العظم. وملطاة: بكسر الميم وهي التي شقت اللحم وقربت من العظم، فهذه الجراحات كلها يقتص منها كانت في الرأس أو في غيره من الجسد، وكذا يقتص من هاشمة ومنقلة في غير الرأس، والهاشمة هي التي هشمت العظم أي كسرته والمنقلة هي التي أطارت فراش العظم بكسر الفاء وفتحها من أجل الدواء ومحل القصاص فيهما في غير الرأس إذا لم يعظم الخطر، وإلاَّ فلا قصاص، وإنما فيهما الحكومة إذا برئا على شين وإلا فالأدب فقط، وفهم من قوله: جل الجراح أن الأقل لا قود فيه وذلك كالمنقلة والهاشمة في الرأس، فإنه لا قصاص فيهما. وكذا لا قصاص في أمة وهي التي أفضت لأم الدماغ أي المخ الذي في الرأس، ولا في دامغة وهي التي خرقت خريطته أي شقتها، وإنما لم يقتص من هذه الجراحات في الرأس لعظم خطرها، وإنما فيها الدية. ففي الهاشمة والمنقلة عشر الدية ونصفه وفي الأمة والدامغة ثلث الدية، وكذا لا يقتص من الجائفة وهي التي أفضت للجوف من بطن أو ظهر، وإنما فيها ثلث الدية بخلاف عظم ترقوة بفتح التاء وضم القاف وهو العظم الذي بأعلى الصدر المتصل بالعنق، فالقصاص فيه اتفاقاً، وكذا يقتص في العين والرجل والأنف والأذن والسن والذكر والأجفان والشفتين، وكذا اللسان إن أمكن ولم يكن متلفاً وإلاَّ فلا كما في المدونة. وقد علمت من هذا أن الموضحة وما قبلها فيه القصاص مطلقاً، والهاشمة والمنقلة فيهما القصاص إذا لم يعظم الخطر وكانتا في غير الرأس، وأما إذا كانتا في الرأس فلا قصاص فيهما بل الدية فقط كما تجب الدية في الأمة والدامغة ولا يكونان، إلا في الرأس، وفي الجائفة ولا تكون إلا في غيره، فهذه الجراحات عمدها كخطئها في الدية إلا أنها يجب فيها الأدب في العمد زيادة على الدية، وبهذا صح قول الناظم: جل الجراح عمدها فيه القود، فمفهومه أن الأقل لا قود فيه، وإنما فيه الدية إن كان فيه شيء مقدر أو حكومة إن لم يكن فيه شيء مقدر ككسر عظم العنق والصلب وغير ذلك مما مر.تنبيهات:الأول: لا قصاص في لطمة أو ضربة على الخدين بباطن الراحة إذا لم ينشأ عنها جرح أو ذهاب معنى كبصر، وإلاَّ فيقتص منه، وإنما كان لا قصاص فيها حيث لم ينشأ عنها ما ذكر لعدم انضباطها ومثلها الضرب بالعصا حيث لم ينشأ عنها ما ذكر بخلاف ضربة السوط ففيها القصاص كما في (ح) لانضباطه، وإذا لم يقتص من اللطمة والضرب بالعصا فلا إشكال أن الفاعل يؤدب كما يؤدب من سل سيفه على أحد ولو على وجه المزاح، وكذلك يؤدب من كسر الدعوة للحاكم أو قبل امرأة كرهاً، ولأبي العباس سيدي أحمد بن القاضي ما نصه:
ومن نضى سيفه يوماً على أحد ** فالأربعون له إن للقتال نضى
ومن نضاه على وجه المزاح فقد ** جفا ويضرب عشراً حكمه فرضا
والأربعون اذا ما دعوت كسرت ** لقاض أو حاكم للمسلمين قضى
من قبل امرأة يوماً وأكرهها ** يزاد عشراً كما إن كان منها رضا
الثاني: قد علمت مما مر أنه لا قصاص ولا حكومة ولا دية في جرح إلا بعد برئه، وأن الدية والحكومة مغلظتان حالتان في مال الجاني وحده وأن الجاني يجبر على دفع الدية، والحكومة فيما وجب فيه ذلك بخلاف ما وجب فيه القصاص فلا يجبر، بل إذا قال: إما أن تقتص وإما أن تعفو مجاناً فله ذلك فإن تراضيا على شيء من المال قليلاً أو كثيراً عمل عليه كما مر عند قوله: وإن ولي الدم للمال قبل إلخ. ويجب تأخير القصاص لزوال حر أو برد مفرطين لئلا يموت إذا اقتص منه فيهما فتؤخذ نفس فيما دونها كما تؤخر الحامل الجانية لوضع حملها، سواء جنت على طرف أو نفس (خ): وآخر لبرد أو حر كالبرء كدية خطأ أو دية عمد أي. فلا تؤدي ديتهما إلا بعد البرء ولو كجائفة وحامل إلى أن قال: لا بدخول الحرم أي لا يؤخر القصاص عن الجاني بدخوله المسجد الحرام، بل يخرج من المسجد الحرام ليقام عليه الحد والقصاص ولو كان محرماً بحج أو عمرة، فإنه لا يؤخر إلى فراغ نسكه بل يقتص منه قبل فراغه، وسواء فعل ما يوجب الحد أو القصاص في الحرم أو خارجه ولجأ إليه.الثالث: إذا كان لا يؤخر بدخول الحرم الشرعي الذي هو مكة والمدينة كما مر فأحرى أن لا يؤخر بدخوله الزوايا مما ليس بحرم شرعي، ولذا قال أبو عبد الله الأبي: كان ابن عرفة لا يحل إيواء الظلمة والجناة الهاربين إلى الزوايا قائلاً: إلا أن يعلم أنه يتجاوز فيهم فوق ما يستحقون. اهـ. قال العارف بالله سيدي عبد الرحمن الفاسي عقب كلام الأبي ما نصه: هذا وم يظهر من أمور خارجة عما ذكر من ظهور برهان لمن تعدى على زاوية أو روضة فذلك أمر خارج عن الفتوى به، وغيرلا من الله على أوليائه لا تحد بقياس ولا تنضبط بميزان شرعي ولا قانون عادي، فإن الموازين الشرعية كليات وعمومات، وقد يكون مراد الحق سبحانه في خصوص نازلة خلاف ما تقتضيه العمومات، ولذلك الخواص يفتقرون إلى إذن خاص في كل نازلة واعتبر بتكرار قوله تعالى: {بإذني} (المائدة: 110) فيما أخبر به عن عيسى عليه السلام من إبرائه الأكمه والأبرص وإحياء الموتى وغير ذلك انتهى.قلت: قوله: فذلك أمر خارج عن الفتوى الخ ربما يتوهم قاصر الفهم أنه يراعي حرم الزاوية والروضة لما يخشى من البرهان كما عليه العامة الآن قولاً وفعلاً، وهذا لا يقوله أحد من الأئمة ولا من أصحابهم ولا من أهل السنة، إذ لا حرم لغير مكة والمدينة شرعاً، وغاية ما ذكره الفاسي أن الله تعالى قد أمر بإقامة الحدود على كل من فعل موجباتها، وكون الله سبحانه ينتقم ممن أخرجه من زاوية أو روضة لإقامة الحد عليه أمر خارج عن الفتوى به، لأن ذلك الحد والإخراج مما أمر الله تعالى به، وقد يريد خلافه في خصوص زيد الجاني ونحو ذلك، والله سبحانه وتعالى قد يأمر بالشيء ويريد خلافه كما أمر بإيمان الكفرة وأراد منهم خلافه، وهذا منه ربما يدل على أن المصائب التي تنزل بمخرجهم من الزوايا انتقام من الله لهم على إخراجهم منها وليس كذلك، بل الجاني المحترم بالزاوية أو الروضة يجب إخراجه لإقامة الحد عليه إجماعاً امتثالاً لأمر الله تعالى، والمصيبة التي تنزل بمخرجه إن وقعت إنما هي اتفاقية مكتوبة عليه لقوله تعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} (الحديد: 22) أي نخلفها وليست انتقاماً على الإخراج لكون الله أراد خلافه. ألا ترى أن الله سبحانه أوجب قتال الكفار وأمر به، والمصائب التي تنزل بهم عند قتالهم من هزيمة ونحوها مكتوبة عليهم لأن الله انتقم منهم لإرادته خلاف قتالهم أو غيرة عليهم، بل ذلك مكتوب عليهم في أزله سبحانه ليعظم بذلك أجورهم ويكثر به ثوابهم، فكذلك الجاني فالمصيبة وإن وقعت بأثر إخراجه إنما هي أمر اتفاقي مكتوب عليه نزولها به في ذلك الوقت لابد من وقوعها به أخرجه أو لم يخرجه ليعظم بها أجره ويكثر بها ثوابه إن صبر واحتسب. وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون كما في الآية. قال تعالى: {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم} (آل عمران: 154) وذلك كله امتحان واختبار للعبد هل يصبر على المصائب حتى يؤدي ما أمر به سبحانه أو يرجع عن ذلك ولا يصبر. قال تعالى: {ليميز الله الخبيث من الطيب} (الأنفال: 37) وقال: أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} (العنكبوت: 2) وقوله: وغيرة من الله على أوليائه إلخ. يقال له من لنا بأنها غيرة من الله بل الغيرة من الله إنما وردت بارتكاب ممنوع لا بارتكاب واجب، فوجب أن يكون أمراً اتفاقياً إذ المؤمن لا يخلو من مصائب، وقد تكون تلك المصائب من التواني في الامتثال أو من اكتساب ممنوع تقدم، ولو كان ذلك غيرة لكان نزول المصائب بالكفار أولى حيث يمتهنونهم في الأراضي التي دخلوها، وبمن يفعل الفواحش ويسفك الدماء في أضرحتهم وزواياهم كذلك، وكم من فاعل ذلك في أضرحتهم لم يصبه شيء، وأيضاً لو أقيم حد على شخص فنزلت مصيبة في الحين بمقيمه لوجب أن يقال على هذا أن ذلك غيرة من الله سبحانه وتعالى على المحدود، وذلك مما لا معنى له بل الولي لو كان حياً لوجبت عليه المبادرة إلى إقامته على من اجترم به، وإن حماه ولم يفعل فليس بولي لأن الذي يحمي الظالم ظالم. وقوله: ولذلك الخواص يفتقرون إلى إذن خاص في كل نازلة إلخ. معناه على ما قال من مذهب الخواص أن الله سبحانه وتعالى إذا أمر برجم كل فاسق مثلاً في كل مكان، فزنى زيد المحصن فيحتاجون في رجمه إلى إذن خاص من الله سبحانه وإن زنى عمرو فيحتاجون في رجمه إلى إذن خاص، وهكذا ولا يتمسكون بالعموم المذكور لئلا يكون مراد الحق سبحانه خلاف رجم ذلك المعين بخصوصه، وهذا أمر خارج عن الشرع لم يأمر الله سبحانه باتباعه لا الخواص ولا غيرهم لأن امتثال الأوامر واجب، وإن فرضنا أن مراد الحق سبحانه خلاف ما أمر به، وحينئذ فمعاذ الله أن لا يبادر الخواص إلى تنفيذ أوامر الله ويتربصون إلى أن يرد عليهم الإذن الخاص خشية أن يكون مراده خلاف ما أمر به، إذ ذلك يقتضي أنه لا يصلي ظهر هذا اليوم حتى يرد عليه الإذن الخاص في صلاتها، وهكذا مع أنه مأمور بالامتثال. ولو فرضنا أنه علم أن مراده سبحانه خلاف ذلك لأنه مكلف باتباع الأوامر ولا عليه في الإرادة، وبهذا احتج إبليس اللعين فقال: كيف أسجد لآدم والله لم يرده مني، وهذا إن زعمه بعض الناس وادعى أنه من الخواص وأنه يتربص في تنفيذ أوامر الله إلى إذن خاص وجب ضرب عنقه بلا ريب، ولو كان يغوص في الماء ويطير في الهواء. وقوله: واعتبر بتكرار قوله تعالى: {بإذني} الخ إنما يتم الاحتجاج به للخواص لو كان تكرار الإذن في كل فرد من أفراد الأكمة وفي كل فرد من أفراد الموتى إلخ. وبالجملة؛ فالحرم الشرعي لا يجير عاصياً كما في الحديث فضلاً عن الزوايا وأضرحة الصالحين، فالواجب على من بسط الله يده على عباده أن لا يلتفت إلى شيء مما يتخيله العامة من كون الله سبحانه ينتقم ممن أخرجهم لإقامة الحدود عليهم، بل لو تحققنا الانتقام المذكور وأنه من أجل الإخراج وأن الله سبحانه أراد عدمه، لوجب علينا اخراجهم للامتثال كما مّر، فكيف والانتقام إنما هو متخيل متوهم، وعلى فرض وقوعه فليس هو من أجل الإخراج بل هو أمر اتفاقي كما مر، لا لكون الله أراد عدم إخراجهم. ومن العجائب أنهم يعتبرون المصائب التي تنزل بعد الإخراج ويعدونها انتقامات ولا يعتبرون المصائب التي تنزل مع عدم إخراجهم مع كثرتها ولا يعدونها انتقامات على عدم إلاخراج، وعدم تنفيذ أوامر الله مع أن الله سبحانه إنما رتب المصائب على عدم الامتثال فقال: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} (الشورى: 30) إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} (الرعد: 11) إلى غير ذلك من الآيات. وما انتقم الله من الأمم السابقة إلا لعدم امتثالهم أوامره باتباع رسله، وقد نجا كل من امتثل أوامره باتباعهم، وقد كثر الفساد من عدم إخراج الجناة من الزوايا والأضرحة ويتخيلون أن المصائب التي تنزل ولو بعد مائة عام إنما هي من ذلك، وما أظن ذلك إلا من استخفاف الحكام بامتثال الأوامر وإقامة الحدود مع ضميمة التخيل المذكور، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.ولما تكلم الناظم على ما يجب في جراح العمد شرع في أحكام جراح الخطأ فقال: